كذبة ورود ذكر عشيرة الزعبي في مخطوطات فارتيما الإيطالية

 المستشرق الإيطالي دي فارتيما و قبيلة زامبي الأقزام :

هل كان أجدادنا الزعبية الجيلانية القدامى أقزام؟!!

يبدو السؤال غريباً شيئاً ما؛ أليس كذلك!؟!

منذ مدة نشرت صفحة "قبيلة زعب" المشبوهة و الممولة سعودياً و أيضاً صفحة "هيئة قبيلة زعب الماجدة" و قناة على يوتيوب بإسم "قبيلة زعب الهاشمية" التي يديرها جميعاً السعودي سعد بن بركي بن سطام الزعبي السلمي من الدمام مقطع فيديو بعنوان "قبيلة الزعبي في المخطوطات الإيطالية"، بصراحة لفت نظري هذا العنوان، و أثار فضولي مما دعاني لمشاهدته، فإذ به يتكلم عن كتاب المستشرق الإيطالي رحلة دي فارتيما المسمى :-

 " THE TRAVELS LUDOVICO DI VARTHEMA" 

و أنه زار منطقة المزيريب في حوران و شاهد عشيرة الزعبي فيها و ذلك في عام 1503 م أي قبل 517 عام من الآن !!!. 

و كانوا يحتجون بهذا الكتاب علينا كونه ذكر في النسخة المُعرّبة عشيرة الزعبي. 

و لأننا نشك بصحة كل ما ينشره هؤلاء المدلسين كان واجباً علينا أن نتأكد من صحة المعلومات التي قيلت في هذا الفيلم، فعمدنا إلى كتاب رحلات فارتيما المترجم للعربية؛ فكانت الترجمة رديئة وغير مفهومة شيئاً ما، فقررنا الرجوع للنسخة الأصلية باللغة الانجليزية وكانت الترجمة:-

([ و في المزيريب زعيم قبيلة زامبي كان له 3 أخوة و 4 أولاد ذكور. 

و يمتلك زعيم قبيلة زامبي :

 40.000 حصان و 10.000 فرس و 300.000 جمل، و كانت مراعيه تمتد مسيرة يومين . 

و كان زعيم قبيلة زامبي يشن الحروب على سلطان القاهرة و حاكم دمشق و حاكم القدس، و يقوم بسلب مخازن الحبوب. 

أوصاف أبناء قبيلة زامبي :

كانت أحجامهم صغيرة جداً (أي أقزام) و لون بشرتهم أصفر داكن، و كانت أصواتهم كأصوات النساء، و شعورهم طويلة و سوداء كثيفة. 

و كانت أعدادهم هائلة جداً لا يمكن احصائها، و هم لا يتوقفون عن الاقتتال فيما بينهم، و كانوا يسكنون الجبل و عندما يحين موعد مرور قوافل الحج ينزلون من الجبل بقصد مهاجمة القوافل و نهبها ]) . تأملوا الصور التالية 👇

ردي على هذه المسخرة و الكوميديا المضحكة 😂 :

أولاً :  أسم عشيرتنا "الزعبي" و ليست "زامبي". 

ثانياً : الإمكانيات التي تمتلكها قبيلة زامبي  في ذلك الزمان أعظم الدول لا تمتلكها؛ فعندما تكون إمكانيات و جيش هذه القبيلة  40 ألف حصان و 10 آلاف فرس و 300 ألف جمل و نفرض أن المشاة كانوا 20 ألف و نساء و أطفال و عبيد 200 ألف، هذا يعني أننا نتكلم عن قبيلة خرافية لا وجود لها على أرض الواقع. 

ثالثاً :  زعيم قبيلة زامبي كان يشن الحروب على سلطان القاهرة و حاكم دمشق و حاكم القدس للسلب و النهب، اسأل متى حصلت هذه الحروب؟! و من أرّخها و ذكرها من المؤرخين العرب و المسلمين؟! بالتأكيد لا أحد لأنها مجرد كذبة و خرافة لا أساس لها من الصحة إلا أن تكون قبيلة زامبي قبيلة من العفاريت و لم يشاهدها إلا فارتيما . 

رابعاً : هل كان جدودنا  أقزام؟! لم أسمع من قبل أن الزعبية قديماً كانوا أقزاماً !، فهل يصلح أن يكون القزم  فارساً و محارباً، اعتقد انهم بحاجة لسلالم ليصعدوا عليها كي يمتطوا ركائبهم.

خامساً :  هل كان جدودنا أصواتهم كأصوات النساء و بشرتهم صفراء و شعورهم طويلة و مرخاة؟!! 

سادساً : لم يذكر فارتيما عشيرة الزعبي بتاتاً، و لكنه ذكر قبيلة اسمها زامبي، و لكن استغرب من المترجم ان يذكر في الهامش اسفل الصفحة كلام المستشرق السويسري جون لويس بوركهارت في كتابه رحلات إلى سوريا و الأرض المقدسة عن عائلة الزعبي حين زار مدينة الرمثا الأردنية عام 1822 م فما علاقة ما قاله فارتيما عن قبيلة زامبي الخرافية بما قاله بوركهارت عن عائلة الزعبي الجيلاني؟!! ، فإن بوركهارت لم يذكر شيء مما ذكره فارتيما إطلاقاً و النص الوحيد الذي ذكره بوركهارت كان : 

Family of Ezzabi , who possosses There a Mosque of same name. On account of The sanctity of his family, the pasha does not take Miri from The sheikh Ezzabi. 

ترجمة النص :

" عائلة الزعبي التي تمتلك مسجداً يحمل نفس الإسم. بسبب قدسية هذه الأسرة الباشا (الوالي العثماني) كان لا يأخذ الميري ( كلمة تركية تعني الضرائب) من شيخ الزعبي". 

و هذا كلام حقيقي و مطابق للواقع و لما ورد في الكتب العربية حيث كان آل الزعبي الجيلاني معفيين من الضرائب و كافة التكاليف. 

 بصراحة و أنا عم بقرأ بكلام المستشرق الإيطالي فارتيما عن قبيلة زامبي شعرت كأني عم شاهد فيلم الكرتون سندريلا و الأقزام السبعة 😂😂😂😂

المستشرقين يفضحون الإيطالي فارتيما و يتهموه بالكذب و اختلاق القصص الخيالية :

" يشكك بيرسي بادجر في رواية دي فارتيما عن الجبل الذي يقطنه ما بين أربعة آلاف و خمسة آلاف يهودي، يروحون و يغدون عراة و يبلغ طول الواحد منهم خمسة او ستة أشبار (أي أنهم كانوا قصار القامة) و أصواتهم كأصوات النساء و يغلب عليهم السواد و لا يأكلون إلا لحوم الغنم و هم مختونون و يعترفون بأنهم يهود و إذا ما وقع أحد من المسلمين بين أيديهم سلخوه حياً"

و يعقب بادجر : " حيث أن الرحالة الأوروبيين الذين زاروا الحجاز فيما بعد لم يشيروا إلى شيء من هذا... ". ( من كتاب أوروبيين في الحرمين الشريفين ص ٣٧ ).

قلتُ: الذي يخترع كذبة قبيلة من اليهود الأقزام العراة واصواتهم كأصوات النساء يخترع قبيلة زامبي الأقزام التي جعلها مُعرّب الكتاب قبيلة الزعبي. 

و أيضاً من كذبات فارتيما : " انه عزم على الهرب من قافلة الحج الشامي، فلم يشأ العودة إلى دمشق و إلتقى مملوكاً تاجراً في أحد الأسواق، الذي آواه في بيته، وبينما كان مختبأ في جناح الحريم كان صوت المنادي ينذر المتخلفين بالإعدام شنقاً.... و يزعم أن صاحبة الدار و اختها ذات الخمسة عشر ربيعاً قد أحاطتاه برعاية فائقة ليتمكن من الوصول إلى جدة المدينة المزدحمة، لا يحيط بها سور و إنما منازل في غاية الجمال... و منها إلى جيزان و أدهشه وفرة الفاكهة بها، ثم إلى عدن التي وصلها عن طريق البحر و خلال تجواله وشي به أنه يتجسس لصالح البرتغاليين، فألقي القبض عليه و سيق مصفداً إلى قصر الحاكم، بين جموع الناس تطالب بشنقه، إلى أن تم ترحيله إلى سلطان اليمن، حيث تظاهر هناك بالجنون، و يزعم أن السلطانة قد وقعت في غرامه، بعد أن رأيته من نافذتها، فرقت لحاله ولاسيما  أن بياض بشرته قد أثر فيها كل التأثير"
" وقد كذّبَ المؤرخ روبن بيدويل هذه الرواية و اعتبرها من نسيج خيال دي فارتيما، و اعتبرها من جملة الإدعاءات التي ضمنها كثير من الرحالة يومياتهم، متأثرين بحكايات و أساطير "ألف ليلة وليلة" التي كانت في خيال الأوروبيين نموذجاً لحياة الشرق بكل ما فيه من سحر و غموض".
(كتاب أوروبيين في الحرمين الشريفين ص ٤١)