خلفاء بني العباس و نسب الجيلاني

خلفاء بني العباس ملوك الإسلام و نسب الجيلاني 



 

بسم الله الرحمن الرحيم 


يقول العلاّمة القلقشندي في كتابه (صبح الاعشى / الجزء 14 / صفحات : ٤٠١ - ٤٠٢) نقلاً عن كتاب [التعريف بالمصطلح الشريف]  للعلّامة ابن فضل الله العمري المتوفي عام ٧٤٩ هجري : 

في صفحة (٤٠١) : "عندما غزا المغول بقيادة هولاكو العالم الإسلامي تم تجهيز رجال ليقوموا بحرق الأراضي التي في طريقهم ، لأن من عادة المغول لا يتكلفون علوفة لخيلهم بل يكلونها إلى ما تنبت الأرض ، فإذا كانت تلك الأرض مخصبة سلكوها، و إذا كانت مجدبة تركوها ، و الغاية كانت إضعافهم عن قصد بلاد المسلمين".

و في صفحة (٤٠٢) : " و ذُكرَ مما يُتجنب تحريقه أرض الجبال ( جبال سنجار أو الحيال في العراق ) من حيث أنها بلاد بقية السلف الصالح من ذرية شيخ الإسلام الإمام الكبير العارف بالله ( عبد القادر الجيلي ) المعروف بالكيلاني ، نفع الله تعالى ببركاته ، و ذلك لتعظيمهم من الجهتين ، ما لهم عند ملوكنا من المكانة العلية ، لقديم سلفهم ، و صميم شرفهم ، و لما للإسلام و أهله من إسعافهم بما تصل إليه القدرة ، و يبلغه الإمكان ". 




و لنتأكد من أن نقل القلقشندي عن ابن فضل العمري صحيح 100 % لا لبس فيه ، رجعنا لكتاب (التعريف بالمصطلح الشريف / صفحات : ٢٠٢-٢٠٣) لإبن فضل العمري :

حيث يقول : " فأما أرض الجبال فإنها كانت لا تُحرق ، و أبوابها بغير طارق خير لا تطرق ، إذْ هي بلد البقية القادرية من ولد شيخ الإسلام عبد القادر الجيلي المعروف عند العامة بالكيلاني ، نفع الله به و ببقيته الصالحة ، و هذه الذرية مُعظمة في الجهتين ، و لهم عند ملوكنا المكانة العالية لقديم سلفهم و صميم شرفهم ، و لما للإسلام و أهله من إسعافهم بما تصل إليه القدرة و يبلغه الإمكان ".



قلت : ذرية الشيخ عبد القادر معظمة من الجهتين  :

▪︎ الجهة الأولى : و هي لقديم سلفهم و صميم شرفهم.  أي لشرافة نسبهم .

▪︎ الجهة الثانية : ولما للإسلام وأهله من إسعافهم بما تصل إليه القدرة ويبلغه الإمكان . أي لمكانتهم العظيمة في نفوس المسلمين. 

و نحن ما دمنا نبحث في نسب جدنا الإمام عبد القادر الجيلاني يهمنا العبارة التالية من جميع ما سلف و هي : -

" و لهم عند ملوكنا المكانة العالية لقديم سلفهم و صميم شرفهم " .

و يفسر  ابن فضل العمري معنى عبارة (قديم سلفهم ، و صميم شرفهم ) في كتابه (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار لإبن فضل الله العمري المتوفي عام ٧٤٩ هجري / الجزء الثامن / صفحة ١١٧ ) حيث يقول :

" الشيخ عبد القادر بن أبي صالح عبدالله جنكي دوست الجيلي الحنبلي : طلعٌ من هاشم بن عبد مناف في الذوائب، و كرعٌ منه في الغدير لم يُرفق بالشوائب ، و كان من الشرف في شامخ قلاله ، و راسخ النسب العلوي في كرم خلاله ". 


و مادام الزمان الذي يتكلم عنه ابن فضل العمري في كتابه (التعريف) فترة غزو المغول للعالم الإسلامي ، و مكان الحدث في أرض العراق فهو يقصد بعبارة ( و لهم عند  ملوكنا المكانة العالية) ملوك الإسلام خلفاء بني العباس.

وقد يقول قائل أن المقصود بقول ابن فضل الله العمري (٧٠٠هـ - ٧٤٩هـ) : (ملوكنا) أنه يعني بذٰلك الزنكيين أمراء الموصل في زمن دخول المغول وآخرهم بدر الدين لؤلؤ توفي (٦٥٦هـ). 

ولكن هذا القول لا يستقيم لأن ابن فضل الله العمري شامي والزنكيين انقطع ملكهم في الشام سنة (٥٧٧هـ) أي قبل دخول المغول بـ(٧٩) سنة وقبل ولادة العمري بـ (١٢٣) سنة.

فقول العمري : (ملوكنا) لا يعني بها غير (ملوك الإسلام أي : الخلفاء) والذين كان في بيعتهم : الزنكيين ملوك الموصل ، والأيوبيين والمماليك ملوك الشام ومصر.

ومعلوم أن الخلفاء الذين تولوا الحكم بعد إنقضاء الخلافة الراشدة كانوا ملوكاً ، و قد قال الجاحظ توفي (٢٥٥هـ) في كتابه ( الرسائل / الجزء الأول/ ص ١٨٨ ) يصف الخلفاء بالملوك  :

"ونحن تربية الخلفاء ، وجيران الوزراء ، ولدنا في أفنية ملوكنا، و نحن أجنحة خلفائنا " .

وقد روى نعيم بن حماد عن حذيفة بن اليمان قال : "يكون بعد عثمان رضي الله عنه إثنا عشر ملكاً من بني أمية ، قيل له : خلفاء؟ قال: بل ملوك".

وروى ابن طولون توفي (٩٥٢ هـ) في كتابه (إنباءُ الأُمراء بأنباء الوزراء/ص١١١) : 

" وفي أيامه سنة تسعين و خمسمائة، كانت محنة أبي الفرج بن الجوزي الواعظ ، وُشيَ به إلى الخليفة العباسي الناصر أحمد بن المستضيء بأمر الله وقيل أنه تكلم في نسب الشيخ عبد القادر الكيلاني ".

قلت : إن سبب محنة ابن الجوزي أنه لم يستطيع أن يأتي بالبينة التي تؤكد صدق كلامه في نسب الشيخ عبد القادر الأمر الذي أدى به إلى العقوبة والمحنة.

و هنا تتجلى لنا بوضوح عصبية الدم و غيرة الخليفة العباسي الناصر المستضيء بأمر الله على نسب ابن عمه الشيخ عبد القادر الجيلاني الحسني الهاشمي. 

وكما لا يخفى على أحد أن ابن الجوزي عفى الله عنه  كان يتطاول ويفتري ويشنع كثيراً على الشيخ عبد القادر .

حيث قال الإمام الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء/ الجزء ٢١ / ص٣٧٦) :

"وكان ابن الجوزي لا ينصف الشيخ عبد القادر و يغض من قدره ".

وقال الصفدي توفي (٧٦٤هـ) في كتابه (الوافي بالوفيات/الجزء ١٩ ) :

"أن ابن الجوزي كان في قلبه بغض للشيخ عبد القادر الجيلاني ".

وقال الحرَضي اليماني توفي (٨٩٣هـ) في كتابه (غربال الزمان في وفيات الأعيان/ص٤٨٤) : 

"قال اليافعي : وكلام ابن الجوزي وان افتخر فهو بالنسبة إلى كلام الشيخ عبد القادر محتقر ، ولو سلم من طعنه وانكاره على المشايخ لبقي مكتسباً لحلل المحاسن".

قلت : نعم لا نستغرب انصاف الخليفة العباسي الناصر المستضيء بأمر الله للشيخ عبد القادر بعد أن أعجزت البينة ابن الجوزي . فالفرع العباسي الهاشمي يشهد لشرافة و هاشمية ابن عمهم الحسني الهاشمي الإمام عبدالقادر . 

 فمن هو ابن فضل العمري الذي نقل لنا هذا الكلام ؟! 

يقول العلاّمة الصفدي في كتابه (الوافي بالوفيات /الجزء 8 /الصفحات : ١٦٣-١٦٤ ) 

في صفحة ١٦٣ : " القاضي شهاب الدين بن فضل الله ، أحمد بن يحيى بن فضل الله بن المجلي دعجان بن خلف بن أبي الفضل نصر بن منصور بن عبيد الله بن عدي بن محمد بن أبي بكر عبدالله بن عبيد الله بن أبي بكر بن عبيد الله الصالح بن أبي سلمة عبدالله بن عبيد الله بن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " .

و في صفحة ١٦٤ : " و لم أرى من يعرف تواريخ ملوك المغول من لدن جنكيز خان، و هلم جراً معرفته ، و كذلك ملوك الهند الأتراك ، و أما معرفة الممالك و المسالك و خطوط الأقاليم و مواقع البلدان و خواصها فإنه فيها إمام وقته " . 



قلتُ : نفهم أن ابن فضل العمري من بني عدي من قريش من أحفاد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه. و كان أعلم الناس بأحداث غزو المغول للعالم الإسلامي . و مولده و وفاته في دمشق و قد عاصر أبوه و جده أحداث غزو المغول للعالم الإسلامي فبلاد الشام كانت وقتئذ لاتزال في سلطان خلافة بني العباس . 

وهذا الكلام كله يؤكد أن نسب الإمام عبد القادر الجيلاني كان مشهوراً لبني هاشم قبل سقوط الخلافة العباسية وعاصمتها بغداد بأيدي المغول في عام ٦٥٦هـ ومعلوماً للعامة والخاصة ولا تشوبه شائبة .

 ومن الذين ذكروا نسب جدنا الإمام الجيلاني حفيده المباشر قاضي قضاة بغداد السيد نصر ( توفي ٦٣٣هـ ) نقلاً عن والده عبد الزراق نقلاً عن والده الشيخ عبد القادر الجيلاني  . و القاضي نصر توفي قبل غزو المغول ب23 عاماً مما يؤكد شهرة النسب في حياة الشيخ عبدالقادر .
























تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نسب الإمام عبدالقادر الجيلاني الهاشمي و أحفاده الزعبية